الفيلسوف طريد المدن الموحشة: عبد الله القصيمي (1907-1996) الذي طعن عرب القرن العشرين ف خاصرتهم. (الجزء الثاني)
[انقر/ي هنا لقراءة الجزء الأول من المقال]
القصيمي شاعراً تائهاً
وفي الفصل السادس يولي المؤلف إبراهيم عبد الرحمن الإنتاج الشعري الذي قدمه القصيمي، ولم يلتفت إليه بوصفه تجربة مستقلة. وإنما استخدم القصيمي الشعر لتمرير أفكاراً مختلفة، فهو نشر قبل أي كتاب في جريدة الرياض الأسبوعية قصيدة في تمجيد البطل "نفثة مخلص: إلى حضرة صاحب الجلالة عبد العزيز ملك الحجاز ونجد وملحقاتها" (1930). مطلعها:
"وقفت بالدار أجري الدمع والجزعا
على طلول أهيل جرعوا الضبعا"
وقد افتتح كتابه "البروق النجدية في اكتشاح الظلمات الدجوية" (1931) بقصيدة مطلعها :
"لقد ذل من كنا له الخصم والحربا
وعز الذي كنا له السلم والحبا.."
وافتتح كتابه "شيوخ الأزهر والزيادة في الإسلام" (1932) بقصيدة مطلعها:
"إذا أرضيت ربي لا أبالي
إذا أسخطت كل العالمينا"
وختم الكتاب أيضاً بقصيدة أخرى مطلعها :
"ما حيلة المرء في مرء بلا حجر
خال من الفضل مملوء من الكبر"..
وفي كتابه اللاحق "الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم" (1934) صدره بقصيدة مطلعها:
"لو أنصفوا كنت المقدم في الأمر
ولم يطلبوا غيري لدى الحادث النكر"
واختتم الكتاب بقصيدة أخرى مطلعها:
"لا تمنعنك قلة الرفقاء
من أن ترافق حكمة الحكماء"
وافتتح كتابه الرابع " مشكلات الأحاديث النبوية" (1934) بقصيدة منها :
" رجعت ولكن لا إلى حكم حاكم
وعدت ولكن في شدوق الأراقم
تريد من الأيام ما ليس كائناً
سعادة محمود لدى الجد عالم"
وإذا كانت معظم القصائد تمثل المرحلة الأولى من مراحل تطوره الفكري فقد التزم بسلفية القصيدة من شكل ومواضيع بينما يمكن أن نرى الكثير من فصول كتبه اللاحقة من بعد صدور "العالم ليس عقلاً" (1963) يتمثل بها الشعر في بناء الجملة الاستعارية والوصفية، وإيقاع التكرار والتوازي. ثم إنه أصدر عام 1983 قصيدة طويلة بعنوان "كنت يا لبنان زهراً" إثر اجتياح بيروت :
" كنت يا لبنان زهراً
في عباءات العروبة
كنت يا لبنان فجراً
في دياجير العروبة
كنت يا لبنان عطراً
فوق أوحال العروبة .."
ثم ختم كتاباته الشعرية بنص شعري آخر ضمنه في كتاب " يا كل العالم لماذا أتيت" (1986) بعنوان "تعالوا نقرأ الكون":
" لقد قالت لنا الدنيا
لقد قالت لنا الفكرة
لقد دكت أمانينا
لقد غصت بنا الحسرة..".
وفي الفصل السابع يختتم كتابه عبد الرحمن يشير إلى مسألة شكوى القصيمي، برسالة عام 1981، من عدم توزيع كتابيه " العرب ظاهرة صوتية" (1977)، و"الكون يحاكم الإله" (1981)، وذكر المؤلف بأنه قدم أكثر من محاولة لتوزيع كتبه في دول أوربية تعنى بالنشر العربي مثل الجمعية الملكية الآسيوية لبريطانيا وإيرلندا، والجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، ومركز الشرق الأوسط التابع لجامعة كمبريدج، ودار الشرق الأوسط ، والشركة اللبنانية لتوزيع الصحف والمطبوعات، والشركة السعودية للأبحاث والتسويق، وصحيفة الحياة غير أن تلك المحاولات في الكتابة عن الكتب أو تسويقها لم تنجح!
وقد توفيت زوجته في الثمانينيات ما أثر عليه كثيراً رغم أنه شفي من نوبات ربو حين انتقل للعيش في ضاحية حلوان عام 1950 إلا أنه في بيروت عام 1966 أصيب بمرض خفقان القلب، ثم عانى من مرض التهاب الأعصاب فسافر إلى لندن عام 1985 برفقة ابنه الدكتور محمد القصيمي، ومرة أخرى برفقة ابنه الدكتور فيصل القصيمي عام 1991 وأجرى عملية سحب مياه بيضاء ما جعله يلبس النظارة السوداء لاتقاء أي عارض يؤذيهما. وعاش معظم الوقت في بيته وحيداً بعد زواج أبنائه وانتقالهم إلى العيش خارج مصر بين الأردن واليمن والسعودية.
وحين وفاته يوم التاسع من يناير 1996 تذكرته الصحافة العربية فجأة بعد صمتها عنه طيلة فترة السبعينيات من بعد كتابه "العرب ظاهرة صوتية" (1977)، وأبنته ونعته بأقلام أصحابه ومعجبيه في صحف من لندن والقاهرة والدوحة وبيروت مسقط. ولم يختف القصيمي من المشهد الثقافي ففي المنفى استعيد مجدداً – قبل معاودة طباعة كتبه في بيروت حاضنته الثانية بعد القاهرة-، وجمعت مقالات مجلة مواقف ونشرت بعنوان "لئلا يعود هارون الرشيد" (1997) ثم بإيعاز من المفكر بو علي يس نشرت أطروحة الدكتوراه التي أعدها الألماني يورغن فازيلا "من أصولي إلى ملحد: قصة انشقاق عبد الله القصيمي" (2001) بترجمة محمود كبيبو.
وتوالى صدور أعماله في طبعات عدة عبر منشورات الجمل - كولونيا لصاحبها خالد المعالي ومؤسسة الانتشار العربي - بيروت لصاحبها الأستاذ نبيل مروّة الذي دشن إعادة نشر أعماله برسائله إلى قدري قلعجي بعنوان "الرسائل المتفجرة" (2000) ثم احتفل بمئوية القصيمي عام 2007 بالإضافة إلى إصدار كتب عنه من مؤلفين آخرين.
ونشرت في الملاحق الثقافية ملفات في ذكراه الخامسة (2002) في موقع إيلاف من إعداد الأستاذ محمد السيف وجريدة عكاظ من إعداد هاشم الجحدلي، ونشر مواد صحفية ومقالات عنه في صحيفة الرياض.
وأشار المؤلف عبد الرحمن إلى إهداء مكتبته الخاصة إلى مكتبة الملك فهد الوطنية في الرياض، وأورد قائمة بمؤلفات القصيمي، ثم أقوال مثقفين عنه. وأضاف ملاحق عدة من مخطوطات للقصيمي، وورسائل، وصور مقالات عنه، وصور فوتوغرافية في منزل ومكتب المحامي للقصيمي مع أصدقاء مشتركين.
وأختم هذه المقالة بإشارة إلى مسألة مهمة من مسيرة القصيمي الفكرية، وهي تطوير لأفكار وزيادة عليها من فصل أعددته بعنوان " بعنوان "علمنة المجتمع السعودي المؤجلة: عبد الله القصيمي مؤجلاً" من كتابي "ما وراء الوجه : سياسات الكتابة وثقافات المقاومة" (2012) الذي أشرت فيه إلى تأسيس القصيمي العلمية الاجتماعية في دراسة التخلف الحضاري من كتابه " هذي هي الأغلال" (1946)، وأشرت إلى تطوراته الفكرية لكن سأشير عرضاً إلى تعامله مع المجال السياسي، وأختم باستعراض فكر القصيمي من مخاضاته وأخصب مراحله وموقف الدراسات الفكرية العربية والأوروبية من إنتاجه الفكري..
القصيمي مناضلاً سياسياً
بعض من المثقفين والمثقفات، بما فيهم منتجي الآداب والفنون والفكر، يبقي مسافة بينه وبين السلطات والمعارضة، وبعض ينخرط في واحدة منهما. ولكن متغيرات القرن العشرين عاصفة لم تدع لأحد أن يكون محايداً ومن كان فهو في الظل.
وقد اشتبك القصيمي مرة بإرادته في الشأن السياسي السعودي حين كشف مؤامرة بين عالم أزهري زيدي يدعى يوسف الدجوي على وزعيم المتمردين الحجازيين عام 1932 ضد الحكم السعودي بينما وقف ضد الموقف السعودي مع إمارة أبو ظبي إبان النزاع على واحة البريمي عام 1956، لكن صادف أن جاور بيته بيت الطلبة اليمنيين، معظمهم من كوادر ثورة الدستور (1948) وحركة اليمنيين الأحرار (1963)، لكنه ارتبط بصداقات مع زعماء مثل كمال جنبلاط ورموز الحركة الوطنية اليمنية مثل عبد الله جزيلان وعبد الرحمن جابر.
منذ أول مؤلفات القصيمي "البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية" (1931) تظهر عنايته بالشأن السياسي، فقد أشار إلى نظريات تآمرية من المذهب الزيدي الذي ينتمي إليه الشيخ يوسف الدجوي – هو نفسه من وقف ضد كتاب "في الشعر الجاهلي" (1926) لطه حسين- بالإضافة إلى علاقته بحامد بن رفادة الذي قاد تمرداً في أرض الحجاز عام (1932) ضد الحاكم السعودي (فازيلا، 2001، ص: 44).
إذ اعتنى القصيمي بالمجال السياسي بشكل مبكر سواء إذا اعتبرنا المرحلة الوهابية مرحلة تبشيرية توجها بكتابه "الثورة الوهابية" (1936) الذي تشتبك فيه العقيدة الدينية والفكر السياسي بصورة هجينة هي غطاء لتمرير سياسات غير أنها لا تبرأ منها. غير أن القصيمي تطورت مفاهيمه للسياسة فرأى أنها في أكثر المجتمعات ليست إلا أعمال هدم مستمرة معلنة (الخوري، 1997، ص: 192).
وهو ما جعله يتنبه مبكراً إلى جريرة التنظيمات السياسية الإسلاموية حين هاجمها في كتابه "هذي هي الأغلال" (1946) إذ كان يقصد جماعة الإخوان المسملين ممثلة بزعيمها حسن البنا، وفي الكتاب اتهم القوى الاستعمارية ومواقفها المتباينة من الحكام في الشرق، ويشير إلى موقفها من الزعيم التركي كمال أتاتورك، ويشير أيضاً إلى موقف المجتمع الخاذل لمشروع الإصلاحات من الملك الأفغاني أمان الله (فازيلا، 2001، ص 75). وربما يمكن القول أن هناك تجمعاً لا تخلو أحاديثه من الثورة في ندوة الحديقة اليابانية في حلوان مع طلبة البعثة اليمنية الذين أسسوا تنظيماً يمنياً مهاجراً باسم كتيبة الشباب اليمني (1940) يعد الممهد له بغير مباشرة زميل القصيمي الطالب اليمين محمد سيف عقلان الذي عرف طلبة البعثة بالقصيمي، فعاصر فترتها العمليات الثورية اليمنية أي ما عرف بثورة الدستور (1948) فاغتيل إثرها الإمام يحيى محمد حميد الدين – مؤسس المتوكلية اليمنية- ثم محاولة اغتيال الإمام أحمد حميد الدين (1961) غير أنه أعقبت وفاته في العام الموالي قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 حتى أعلنت الجمهورية العربية اليمنية (1970).
ولا يعرف إذا ما كان الإمام يحيى عرف أنه المقصود في سخرية القصيمي منه حين طلب من اليمنيين قراءة القرآن الكريم وصحيح البخاري لتفادي أحد الأوبئة عام 1945 في كتابه "هذي هي الأغلال" (1946) (فازيلا، 2001، ص: 104).
وفي مرحلة الخمسينيات كانت واحة البريمي، موقعها حدود مشتركة بين الإمارات وعمان والسعودية، خاضعة منذ القرن الثامن عشر لسلطة عمان، وفي سياق التوسع الوهابي احتلها لكونها محطة مواصلات برية هامة كما أنها امتداد جغرافي لإمارة أبو ظبي، وحدث صراع عام 1867 بين العمانيين وحاكم أبي ظبي من جهة وبين الدولة السعودية الأولى من جهة أخرى.
وفي عام 1952 عاودت الدولة السعودية الثالثة فترة حكم الملك عبد العزيز في وضع اليد عليها باعتبارها تابعة لإمارة منطقة الأحساء (شرق السعودية)، فنشبت حرب ما بين الحامية البريطانية والجيش العماني من جهة وبين الجيش السعودي فطرد الأخير منها. ونجحت السياسة السعودية الخارجية في تدويل القضية للعالم لكون واحة البريمي مطمعاً لدول الحدود لامتلائها بالنفط، وعرض الاتحاد السوفييتي على السعودية معونات عسكرية، وتحالفت الحكومة المصرية مع السعودية في مهاجمة التحالف الاستعماري بين بريطانيا وسلطنة عمان (فازيلا، 2001، ص: 127-128).
وبحسب ما يذكر فازيلا بأن القصيمي "اتخذ موقفاً مؤيداً لأبو ظبي وانتقد في مقالاته الصحفية موقف المملكة العربية السعودية في مقال بعنوان "واحة البريمي بين التقصير السعودي والعدوان البريطاني" في جريدة الجريدة لأحمد حسين. وذكر القصيمي، في مقابلة شخصية مع الباحث الألماني يورغن فازيلا، بأن مقالاته لم يذكر فيها أسماء سياسيين معينين وإنما عالج مشكلة نزاع البريمي بصيغة فلسفية (فازيلا، 2001، ص: 128).غير أنه أدت تلك المقالات إلى قطع المخصصات من قبل الملك سعود (1953-1964)، فأرسل إليه القصيمي برسالة ورد فيها – لم نرها من قبل -:
"أتمنى أن تغطي هذه المخصصات التي أتقاضاها في سنة كاملة نفقات ليلة واحدة لأحد أثرياء السعودية في أحد النوادي الليليلة في أوروبا" (عبد الرحمن، 2015، ص: 202). والملفت أوعز إلى الحكومة المصرية من الملك سعود بطلب السماح بعودة القصيمي إلى القاهرة لإبعاده من ساحات النشر اللبناني بسبب انخراطه في الشأن السياسي السعودي –بحسب فازيلا- ورغبة في إسكات الكاتب عن طريق وضعه في القاهرة تحت عين الرقابة المصرية (فازيلا، 2001، ص: 128). برغم أنه ابتدأت تصاغ طلائع المعارضة السعودية، ممثلة بمؤسسات الحركة الوطنية، في صورها القومية (الناصرية والبعثية) والشيوعية،خلال هذه الفترة عبر أحزاب واتحادات وجبهات فاعلة.
فقد ناصر القصيمي إضراب العمال بعد اعتقالهم عام 1956 بتحريض من قبل شركة أرامكو التي دس بعض موظفيها المأجورين – من العرب- منشورات شيوعية عند أفرادها لتشويه صورة المواطنين في لجنة العمال أمام الملك سعود آنذاك.
وقد نشر القصيمي مقالات عدة في صحيفة الجريدة، والحياة الصادرتين من بيروت، والرأي العام الصادرة من بيروت لمناصرة قضيتهم (عبد الرحمن، 2015، ص: 57). ويعد معظم العمال ينتمون إلى التنظيم السري "جبهة الإصلاح الوطني" (1954) التي تحولت إلى "جبهة التحرر العربي" (1958) كما أنها تعد النواة الأساسية لهجرة مؤسسي الحركة الوطنية أو المعارضة السعودية خارج البلاد بحسب الإيديولجيات المنتشرة ما بين القومية العربية وفرعيها البعثي والناصري، والشيوعية (انظر. مقالة : الشيوعي العتيق إسحاق الشيخ يعقوب، موقع جدلية).
وبرغم علاقات القصيمي سواء صداقاته بالشخصيات اليمنية والللبنانية السياسية والدبلوماسية لم يذكر بأنه ضلع بأي تنظيم للحركة الوطنية السعودية، بأطيافها القومية والشيوعية والإسلاموية التي اشتعل نشاطها منذ عشرينيات القرن العشرين بإعلان "الحزب الوطني الحجازي" (1924) حتى إعادة تنظيم "الحزب الشيوعي" بعد أن حلّ نفسه بـ"التجمع الوطني الديمقراطي" "1991"، ورغم أنه عاصر في بيروت والقاهرة رموز الحركة الوطنية في ذورة نشاطهم بين الخمسينيات والستينيات.
بالإضافة إلى أنه سلم من سلسلة الاغتيالات الموجهة، من فتاوى التكفير، ضد المثقفين العرب التي استهدفت في القاهرة تهديد لويس عوض ونوال السعداوي ثم اغتيال فرج فودة (1992) وطعن رقبة -دون وفاته- نجيب محفوظ (1995).
يقظة القصيمي الإنسان
دفنت القاهرة أصواتاً مرت كالبرق في المشهد الثقافي، مثل الناقد – التركي الأصل- إسماعيل أدهم (1911-1940)، و المفكرة – اليمنية الأصل- أبكار السقاف (1913-1989)، ويسبقهما عبد الله القصيمي، فهو من بعد عام 1946 عاش فيها ولم ينشر أو يطبع كتاباته أو كتبه في القاهرة بل خارج مصر في بيروت وباريس. يلفت عبد الله عبد الجبار في فصل "عبد الله القصيمي: الكاتب الاجتماعي" من كتاب "التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية، النثر : فن المقالة، 1959-1960" إلى بداية الاعتمالات الذهنية في التفكير عند القصيمي بما أباح له بأن أثناء دراسته الجامعية في جامعة الأزهر قد وضع كتاباً ثم مزقه بعنوان :"التدليل على وجود الله" (1930).
وهو ما يشي بأنه عانى من القلق الذهني الذي يتملك أي مفكر أو أي مبدع في مجالات الثقافة غير أنه يشي بأن المفكر هو من نطق بداية لكون مباحث علوم التفكير تتصل بالماورائيات والمنطق أو المحاججة، والعلوم الإنسانية (السياسة والنفس والاجتماع). كأنما الدفقات الوهابية كانت عارضة في نتاجاته وتصنيفه الفكري بوصفه مروِّجَ عقيدة أو ناطقاً طائفياً..
إذ اتضح منذ البداية أنه كان وفياً للمخرجات التعليمية الأولى في صورتها المذهبية الضيقة إلا أنه انشغل ببذور قضية "التخلف الحضاري" وتمجيد الإنسان الفاعل من خلال دوره الفردي أو الجماعي.
غير أن مجمل مؤلفات هذه الحقبة هي جزء من موروث الجدل المذهبي الإسلامي، وإن اتخذت صبغة وهابية، فيما يخص فقه العبادات بين المذهب الحنبلي مدرسة الحفّاظ إزار مدرسة الاجتهاد والقياس عند المذاهب الأخرى كالشافعي والمالكي والحنفي، والصراع الطائفي الذي بذرته الطائفة الوهابية باسم "فقه التكفير" تجاه المذاهب الشيعية والصوفية، والأديان الأخرى سواء الشقيقة أو ذوات التاريخ الأبعد من ألف وأربعمائة عام! غير أنه أظهر عناية بالفكر السياسي، في قضية المخلص الثوري في كتابه "الثورة الوهابية" (1936) ثم بالفكر الاجتماعي في قضية التخلف الحضاري في كتابه "كيف ذل المسلمون" (1938)، وهما قد سبقا كتابه "هذي هي الأغلال" (1946) بسنوات عدة.
وقد رصد عبد الجبار مراحل القصيمي في أطوار ثلاثة، في عام 1960 أي قبل إصدار كتاب "ألعالم ليس عقلاً" (1963)، وإنما ما نشره من مقالات مهدت له فترة الخمسينيات في مجلات الحرية والآداب والأحد في بيروت، فأوجزها على هذا النحو:
الطور الأول : طور الثقافة الأزهرية والعقيدة الوهابية وينتهي عام 1941
الطور الثاني : طور التحرر الفكري 1941- 1946
الطور الثالث: طور الانفجار بعد سنة 1946
واعتمد هذا التقسيم لينجز الفصل الذي خصصه عنه في كتابه. (عبد الجبار، 2008، ص: 129).
بينما قسم عبد الرحمن مراحل القصيمي بين المرحلة الوهابية والمرحلة التجديدية والمرحلة التمردية معتمداً المسردية التاريخية فيما قدّم القصيمي تقسيماً عامودياً بنفسه في رسالة بعثها عام 1973 إلى صديقه زهير مارديني عن تلك المراحل فعناها بهذا الشكل:
الأولى: السلفية،
الثانية: الثورية،
الثالثة: الراديكالية العدمية.
وقد نشرت تلك الرسائل لاحقاً في مجلة الناقد لصاحبها رياض الريس (مارديني، 1988،ص:42). إذا كان كتابه "البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية" (1931) لاقى صدى عنيفاً في جامعة الأزهر خصوصاً من شيخه الذي سخر القصيمي منه ما أدى إلى فصله من الجامعة، فإن كتاب "هذي هي الأغلال" (1946) أعلن وجود المفكر مثلما أشهر القضية الفكرية الحساسة، هي قضية "التخلف الحضاري". وتكشف ردود الفعل المختلفة سواء في حينها -أو لاحقاً- بأنه جرى تصنيف القصيمي في الإطار الأكاديمي العربي بوصفه إصلاحياً تخطى الحدود اللائقة مع التراث سواء عند ممثلي الفكر التقليدي أو الاتجاه الإصلاحي (إسلامويون وقومويون) غير أنه يعد مفكراً حراً عند الاتجاه العصري أو الحر سواء عند ممثلي الاتجاه العلماني أو الاشتراكي العلمي إذ ينتمي من بين تلك الاتجاهات إلى المذهب الإنساني.
وبعد صدور كتابه "العالم ليس عقلاً" (1963) يبدو أنه كسب جبهة عداء جديدة سواء عند الإصلاحيين مجدداً أو عند ممثلي الاتجاه الاشتراكي العلمي إذ استعصى على التصنيف الإيديولوجي والفكري. وتجدد الأمر حين أصدر كتابه "كبرياء التاريخ في مأزق" (1966) أن اتخذ منه موقفاً عدائياً من الاتجاه الاشتراكي العلمي مع دفع إلى القطيعة معه، واتهمه بالفوضوية الفكرية أي أنه لم يجار أنظمتهم ومفاهيمهم وما يفهمون وما يريدون وما يرون ولا يراه !
ولعل تهمة "الفوضوية الفكرية" تناقض "الالتزامية الإيديولوجية" في زمن "الزعيق الإيديولوجي" التي جابهها القصيمي بجسارة منذ أول مقالة كتبها في "لا تشتموا الأعداء" (1956). وبرغم محاولة الذهنية العربية، الغارقة في المؤامرة والفراغ السياسيين، في حصر الوجود الفكري للقصيمي بين اعتباره إصلاحياً ثورياً بسبب كتابه "هذي هي الأغلال" (1946) أو اعتباره فيلسوفاً مع وقف التنفيذ لكونه استعصى على التصنيف أو التحزيب، وطعن الذهنية العربية في خاصرتها حين سك الجملة المحذوذة بالسيف، الحاملة عنوان كتابه "العرب ظاهرة صوتية" (1977) أي "هذرلوجيا العرب" – إن أمكن التعبير- فهو مؤسسها. وفي محاولة السياق الأكاديمي لاعتباره نموذجاً دراسياً سنرى أنه يستدرج الباحثين إلى فخاخه الذكية، ويفضح الأدوات النقدية والبحثية، ويكشف تلك الإمكانيات التحليلية والتفسيرية، وهو ما سنعرضه له في أعمال بحثية اعتمدته فيها.
إن الملفت أن القصيمي كشف الموقف من التراث عند هؤلاء الباحثين لا موقفه فهو ترك المعلمين الخالدين وسكنه عالم مضاد آخر! فقد ربط حوراني محاولات فكرية لكل من علي الوردي في كتابه "وعاظ السلاطين" (1954)، ومحمد كامل حسين في "قرية ظالمة" (1954) بالقصيمي بوصفهم يمثلون الامتداد للتفكير الإسلامي بالنضال الثوري لتحقيق العدالة وأن انسجام العالم الحديث مع الإسلام أمر ممكن.
إذ يعلق حوراني على كتاب "هذي هي الأغلال" (1946) بقوله الآتي:
"يطالعنا المؤلف بالتهجم المألوف على الجمود الديني وعلى الاستكانة إلى الآخرة، وعلى الطلاق بين الروحي والمادي، محاولاً شرح هذه الأخطاء التي وقع في المسلمون بردها إلى الفقه الإسلامي، ومنها اعتقاد علماء الكلام السنيين أن الله هو الفاعل الحقيقي الوحيد والعلة المباشرة لكل ما يحدث بينما أساس القوة والتقدم إنما هو الاعتقاد أن الإنسان فاعل حر، وأن له القدرة على الكمال، وأن الكون مسير بناموس السببية. وهو يدعي أن العرب كانوا على هذا الاعتقاد قبل الإسلام، كما كان عليه أيضاً المسلمون الأولون قبل أن تفسد دينهم التأثيرات الخارجية. لكن هذا لا يعني ، عنده، أن على الإنسان الحديث أن يحاول محاكاة السلف، لأن التقدم يكتنف طبيعة الإنسنا كما يكتنف المدينة ولأن لا يمكننا العثور على الكمال في الماضي (حوراني، 1997، ص: 359).
ويعلق حسين مروة على كتاب "العالم ليس عقلاً" (1963) في دراسة وضعها مستعرضاً الكثير من أفكاره حصوصاً عن الثورة والثوار حتى قال بأنه "ينبوع طاقات ومواهب فكرية وفنية هائلة قادرة على التوليد والإبداع بزخم متدافع.
وإن صاحب (العالم ليس عقلاً) ثائر جبار، ولكن ثائر على الثورة والثوار أولاً، ثم هو ثائر دون سلاح، لأن فقدانه المنهج الفكري أفقده القدرة على الاستفادة من أسلحته الفكرية والفنية العظيمة.
وإن في كتاب (العالم ليس عقلاً) قدراً من الآراء والأفكار الصائبة، العميقة الغور ، الرائعة الإخراج، الناهضة على أساس سليم. ولكن أعوزها نبض الحياة، لأنها لم تتفاعل مع الحياة لكي تتحول إلى طريقة في التفكير ، فبقيت أفكاراً مجردة، متناثرة، كل واحدة منها وحدة مستقلة، منعزل بعضها عن بعض، ومن هنا المأساة" (مروة، 1988، ص: 196-197). إن المأساة بأنه لم يبق من مروة نفسه إلا تلك الجملة الذائعة بأنه الشيعي الذي كان يقرأ ماركس في النجف !
وحين درس طرابيشي علاقة المثقفين العرب مع التراث بوصفه سردية من سرديات القرن العشرين في الموقف الذهني منه، فهو يستخدم أدوات التحليل النفسي الفرويدي، التي تستخدمه لمصلحتها، في تحليل موقف القصيمي من تحليل الخطاب العربي بوصفه ظاهرة كلامية في كتاب "العرب ظاهرة صوتية" (1977)، ويتخذه طرابيشي نموذجاً نفسياً بوصفه ممثلاً لكراهية الأب الذي يعادل التراث، حين يطالب بنفيه نفياً شاملاً، وهو ما لا قصده و لاذكره القصيمي، ولكن مبدأ الاعتساف الظني إحدى طرائق التفكير الطرابيشي، وذلك لجهوزية العدة النقدية واعتساف النموذج محل التطبيق يقول بعبارة تحليلية جاهزة " وما يميز هذه الكراهية في حالة القصيمي – وهي حالة فريدة – أنها كراهية نفيّية شاملة لكل التراث، تتنكر له بتمامه وتتور بالرغبة السلبية في تدميره برمته بدون أن تستبقي منه شيئاً، وليست جزئية تنكر منه فقد ما يدعيه الإخوة بالتبني أو بالرضاعة من نصيب لأنفسهم منه وفيه، ولا مدفوعة بدافع الغيرة الأخوية والرغبة الإيجابية في الاستئثار به كله دون المتطفلين عليه من ذوي الأرحام" (طرابيشي، 1991، ص: 38).
ويوازي الموقف النقدي عند طرابيشي أيضاً الموقف الشايغاني المنفصم بوصفه إيرانياً يعاني بين تقاليد فارسية حضارية منهارة وإسلام فارسي الوجه واللسان، انتهى إلى ثورة دينية بحسب عنوان أحد كتبه، ثم عانى صدمة الحدثاة الغربية ومفاهيم العقلانية والتأويلية، وهو يماثل الخطاب الفكري الملفق عند مفكرين – اليسار الإسلامي- علي شريعتي وعبد الكريم سروش ومحمد شبستري.
ويقول شايغان معلقاً عن "هذي هي الأغلال" (1946) – لاحظوا بأن المفكر الإيراني الفرنكفوني لم يتح له إلا ذلك الكتاب - بأنه "قام القصيمي بهجوم منظم على الموروثات الثقافية للمسلمين الذي بسبب خضوعهم غير المشروط لله، يرفضون أن يروا هيمنة قوانين الطبيعة والسببية العلمية، لكنهم مع وعيهم التام لنفوذ الغرب، نجدهم بين ثقافتين، ونميزهم بكونهم نظروا إلى مجابهتهم بعيون جديدة، في المقابل، يعتبر منظرو الثورة متفرنجين أي الجذر المهيمن بعض حداثة ملتوية جرى استبطانه، بطريقة انحرافية، في جهازهم الإدراكي، لكن أية حداثة يقصدون؟ ليست حداثة المرحلة الانتقادية التي تفكر، تسأل، بل آخر بقايا حثالات نسخة ماركسية تقدم تفسيرات تبسيطية للأمور، على شكل باقات معارف حاصرة. ريما يككن القول إن النظرة الجديدة حديثة لكنها نظرة ملتوية / مبتورة، بطريقة ما، لأنها تظل منقطعة عن حفريات المعرفة التي سبقتها" (شايغان، 1991، ص: 70).
ولعل شايغان يمثل تلك "الحثالات الماركسية" في قراءته للفكر الذي لم تمكنه باريس إلا من جمع حثالاتها مع حثالاته!
وتأتي نظرة الألماني غرونباوم في كتابه "الإسلام" (1955) بصورة مختلفة في قراءة الغرب ضمن فكر القصيمي، خارجاً عن الاتجاه الإصلاحي والموقف من التراث، فهو يرى بإن القصيمي "لم يكن مهتماً بالحضارة الغربية بحد ذاتها بل كان مبهوراً بدورها المزدوج كنموذج وخصم. وكان يرى ما لدى الغرب من فعالية واعتماد على الذات وتصميم على العمل والتخطيط والمجازفة في سبيل التغيير، وكيف ينسق هذه المزايا مع أشكال أكثر وضوحاً من التنظيم السياسي والديني" (فازيلا، 2001، ص: 214). وقد اعتنى اللاهوتي بولس الخوري، المشرف على سلسلة المسيحية والإسلام في الحوار والتعاون التي صدرها مركز الأبحاث في الحوار المسيحي الإسلامي (حريصا – لبنان) بدراسة الإنتاج الفكري من متون الكتب التي تعد أخصب مرحلة في فكر القصيمي.
إذ اعتمدت في دراسته على كتبه التالية: العالم ليس عقلاً (1963) في طبعته الثانية (1967) ذات المجلدات الثلاث : عاشق لعار التاريخ، صحراء بلا أبعاد، أيها العقل من رآك؟. واعتمد أيضاً على كتابيه "كبرياء التاريخ في مأزق" (1966)، و"هذا الكون ما ضميره؟" (1966)، حتى كتابه "الإنسان يعصى لهذا يصنع الحضارات" (1972). وخلص إلى نتيجة مؤداها بأن الموقف الإنساني في الاتجاه العصري من الفكر العربي "همه الإنسان ومشكلاته الراهنة، مشكلات الحياة اليومية، تلك الحياة العابرة التي وحدها تكون الواقع الحسي. وحل مشكلات الحياة يكون في اللجوء إلى إمكانات التقنية ومناهج العلوم الإنسانية. بتعبير أشمل، الموقف الإنساني موقف جهاد لإيقاظ الوعي على قيمة الإنسان والأشخاص الثابتة، ولتنشيط القدرات الإبداعية التي تجعل الحياة الإنسانية تاريخاً جديداً أبداً" (الخوري، 1997، ص: 156).
ولعله يمكن القول، في مجمل الإنتاج الفكري – بحسب الخوري-، أن القصيمي "يدافع عن حرية هذا الإنسان في شكل الهجوم العنيف على الإكراه والقهر والاستلاب والتزييف [...] هذا الموقف الإنساني ورد في آخر سلسلة المواقف النموذجية، لأن التعصب للإنسان، من دون التأثر بأية اعتبارات، يعني اتخاذ الموقف الثوري الأكثر جذرية، إذ لا يلين هذا التعصب التمسك بأنظومة دينية قائمة، أو بشكل محدد وحالة معينة للثقافة التقليدية، أو بأوامر ونواهي لحزب سياسي، أو بمقتضيات إيديولوجية. التعصب للإنسان يضع على المح الإيديولوجيات جميعاً ، التقليدية منها والعصرانية، وهو، إذ يجعل الإيديولوجيات في خدمة الإنسان ،يعيد لها وظيفتها الجوهرية وأصالتها" (الخوري، 188-189).
ويتمثل صنيع القصيمي الفكري بأن دفع إلى ظهور المدرسة الأنثروبولوجية في دراسة الدين والأسطورة والملاحم عند الأمم السامية وحضاراتها (الآكادية والبابلية والآشورية والكنعانية والثمودية والسبئية ..إلخ)، وهو ما أشعلته الانطلاقة المبكرة منذ الخمسينيات، في دراسة الأديان على ضوء المكتشفات الآثارية والمناهج النقدية المختلفة عند طه باقر ومحمود سلم الحوت وأبكار السقاف وتوفيق فهد وصادق جلال العظم، ثم في مرحلة لاحقة في السبعينيات تطورت نحو دراسة العقائد وأساطيرها وشخصياتها المقدسة من آلهة وأنبياء عند ثريا منقوش وفراس السواح وسيد القمني، وفي مرحلة ثالثة منذ الثمانينيات فجر كمال الصليبي نظرية "التوراة جاءت من جزيرة العرب" (1988) التي كانت دفعاً هائلاً في هذه الدراسات ثم المنعطف التالي مع الجيل الأخير الذي اعتنى بدراسة السرديات الإسلامية وإعادة تفكيكها عند سليمان الذييب وسعيد الغانمي وفاضل الربيعي وزكريا محمد وجمال الحلاق.
غير أن القصيمي لم يغرق في أبنية السرديات الكبرى مثل سرديات الإيديولوجيا والأسطورة والاستعمار والإرهاب والتراث، فقد عبر عن موقف إنساني في مساره الفكري، وتمثل خواص عدة، في انعدام المسردية التاريخية، وانكسار أقطاب الجذب كالأحزاب والأمم (العبودي،2011، ص: 52). فقد تمثل "نظرية الفوضى" بوصفه مفكراً ما بعد حداثي، وإن كنت أرها مفكراً كونياً خارج التصنيف والأطر ذات التنسيب، فهي نظرية تقر "بانهيار مقولات الحداثة مثل المنطق والموضوعية والعقلانية، وبدلاً من ذلك تعزز المعرفية التي تقوم على مبادئ حرية الإرادة والاختيار مع الإقرار بمحدودية العقل الإنساني في مواجهة عالمه" (العبودي، 2011، ص: 54).
لقد أرسى القصيمي بأن تحرّر الإنسان من سلطات المؤسسات المكرّسة للمفاهيم الدينية والتراثية والسياسية والإيديولوجية تمكنه ليس من كنس الطريق إلى الباب بل تحطيم الباب وأسواره إذا ما دعت الحاجة إلى الخروج!
من يريد الخروج الآن وكل أوان ؟!
بيبلوغرافيا عبد الله القصيمي
البروق النجدية في اكتساح الظلمات الدجوية (1931)، شيوخ الأزهر والزيارة في الإسلام (1931)، الفصل الحاسم بين الوهابيين ومخالفيهم (1932)، مشكلات الأحاديث النبوية وبيانها (1932)، نقد كتاب حياة محمد لهيكل (1935)، الثورة الوهابية (1936)، الصراع بين الإسلام والوثنية – مجلدان- (1937)، كيف ذل المسلمون؟ (1938)،هذي هي الأغلال (1946)، ثلاثية العالم ليس عقلاً – ثلاث مجلدات -(1963- 1967): 1. عاشق لعار التاريخ. 2. صحراء بلا أبعاد. 3.أيها العقل من رآك، كبرياء التاريخ في مأزق (1966)، هذا الكون ما ضميره ؟ ( 1966)، أيها العار إن المجد لك (1972)، فرعون يكتب سفر الخروج (1972)، الإنسان يَعْصَى .. لهذا يصنع الحضارات (1972) العرب ظاهرة صوتية (1977)، الكون يحاكم الإله (1981)، كنت يا لبنان، زهراً (1983)، يا كل العالم لماذا أتيت؟ (1986).
*قامت دار جداول، بإدارة واعية من مديرها –والصديق- المثقف محمد السيف، بإصدار الكتاب الأول في طبعة جديدة (2012)، وإصدار مذكرات الكاتب الثاني "من ذكرياتي" (2012) قدمه العم عبد الرحمن الشبيلي، والآن أصدرت كتاباً بعنوان "خمسون عاماً مع عبد الله القصيمي" (2015) للمحامي إبراهيم عبد الرحمن.
1- المقالة ليست معنية ببعض المؤلفات التي كانت بسبب كتاب "هذي هي الأغلال" (1946) حين أحدث أزمة ذهنية، فوضعت رسائل ضمن تقليد "فقه الرد" للدفاع عن "ثقافة النحس النجدية: الفقر والمجاعة والحرب" طبعت مثل "الرد القويم على ملحد القصيم" (1947) لعبد الله بن يابس، (غَيْرَةً من المخصص المالي للقصيمي المتكفل بدراسته في جامعة الأزهر الذي كان أعلى منه ففعل ذلك ابتغاء أن يزيد أولي الأمر مخصصه بحسب رسائل نشرت بعد وفاته!)، ورسالة "تنزيه الدين ورجاله مما افتراه القصيمي في أغلاله" (1949) لعبد الرحمن السعدي (غاب هذا الكتاب عن الأعمال الكاملة المتداولة للسعدي)، ووضعت رسالة "بيان الهدى من الضلال في الرد على صاحب الأغلال" (1949) لإبراهيم السويح (زميل القصيمي في بعثته آنذاك إلا أن تفوق الأخير دراسياً جعله يرتقي في قسم تخصصه عن السويح فربما أوغر صدره عليه !)، وآخرها كتاب "الشواهد والنصوص من كتاب الأغلال" (1950) لمحمد عبد الرزاق حمزة.
2- أشار جهاد قلعجي – ابن الناشر قدري قلعجي- إلى أنه أسست منشورات الفاخرية مشتركة مع دار الكاتب العربي – لصاحبها قلعجي- من قبل الأمير طلال بن عبد العزيز عام 1981.انظر. الرسائل المتفجرة، عبدالله القصيمي، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، ص: 31.
3- وضع القصيمي رسالة ساخرة عن هذا الكتيب بعنوان "أمام إغراء النفط العربي"، ونقض كل معلوماته الدكتور أحمد السباعي في أطروحته عن القصيمي.
4- يعدان هذان الفصلان مرجعاً خافياً لأطروحة عبد الله الغذامي عن المتنبي في كتابه "النقد الثقافي" (2003).
المراجع –بحسب تاريخ الصدور-:
دراسات على ضوء المنهج الواقعي، حسين مروة، بيروت، مكتبة المعارف، 1988.
المثقفون العرب والتراث: التحليل النفسي لعصاب جماعي، جورج طرابيشي، بيروت، شركة رياض الريس، 1991.
النفس المبتورة : هاجس الغرب في مجتمعاتنا، بيروت، دار الساقي، 1991.
تراث وحداثة قراءة للفكر العربي الحالي، بولس الخوري، بيروت، المكتبة البولسية، 1997.
الفكر العربي في عصر النهضة (1789-1939)، ألبرت حوراني، بيروت، ترجمة كريم عزقول، نوفل، 1997.
ماذا يبقى منهم للتاريخ، عصام محفوظ، بيروت، شركة رياض الريس للكتب والنشر، 2000.
الرسائل المتفجرة، عبد الله القصيمي، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، 2000.
من أصولي إلى ملحد: قصة انشقاق عبد الله القصيمي، يورغن فازيلا، ترجمة :محمود كبيبو، بيروت، دار الكنوز الأدبية، 2001.
تكوين النهضة العربية 1800-2000، قضايا وحوارات النهضة العربية (30)، محمد كالم الخطيب، دمشق، ن. خ، 2001.
نظرية الفوضى والأدب : ما بعد ما بعد الحداثة، شريفة العبودي، كتاب الرياض (173)، الرياض، مؤسسة اليمامة الصحفية، 2011.